قبل
الخوض في موضوع إيذاء النفس ينبغي أن نضع تعريفاً له بحيث يمكن الدخول في
تفاصيل هذا الموضوع. و اقرب تعريف لإيذاء النفس هو:-(إلحاق الضرر لشخصكم
طوع نفسك)
وإلحاق الضرر بالنفس قد يكون بسوء تصرف بعلم أو بدون علمأو
بلا مبالاة أو بتفاخر أو بغرور أو باستهتار. تقوم بذلك الفعل أو
التصرفلإشباع رغبة زائفة أو تلذذ وقتي.
من خلال هذا التعريف يمكنني الآن أن أوضح لك أن إيذاء النفس يمكن تقسيمه إلى عدة أقسام منها:
1- إيذاء بدني أو صحي
2- إيذاء نفسي
3- إيذاء خلقي
4- إيذاء مستقبلي
ولكلحالة
من هذه الحالات طرق عدة ينفذها الشخص منا أو يفعلها بصورة مباشر أوغير
مباشر تضره مضرة كبيرة وهو غير مبالٍ بعواقبها الفورية أو المستقبلية.
والغريبفينا
أننا قد نعرف أحياناً حق المعرفة أن الضرر سوف يحصل لنا من جراء تصرفما
ونفعل ذلك التصرف وننفذه ونحن على يقين بأنه يسبب إيذاء لأنفسنا وإيذاء
لغيرنا.هذا الإيذاء قد يفقدنا الحياة أو قد يسبب لنا الأمراض العضوية
أوالنفسية أو الجنسية أو المستقبلية.
لا أريد أن اذكر أمثلة على ذلك، ولكن من خلال عرض طرق إيذاء النفس سوف يتضح صدق ذلك، لذلك تتبع معي كيفية إيذاء نفسك لنفسك.
أولا:الإيذاء
البدني :- هو إيذاء للجسد قد يتسبب لا قدر الله بممارسته إعاقة أو مرض أو
فقد للحياة مثل ما يحدث لمن يتهور في قيادة السيارة بسرعة جنونية أو من
يقوم بمخالفة أنظمة المرور أو(التفحيط) أثناء القيادة ، وهويتلذذ بذلك
التصرف ، فكثيرا ما شاهدنا أو سمعنا عن أمثلة حية ومن الواقعلنتائج هذا
الإيذاء البدني ، حيث أن هناك من فقد الحياة أو من بتر منه عضو بسبب قطع
إشارة مرور أو حادث نتيجة للسرعة الجنونية أو من أصيب بالشل لنتيجة انزلاق
سياراته وارتطامها بجسر أو عمود إنارة أو ….وغيرها منالحوادث .
هذه
أمثلة نشاهدها ونسمع بها ونقرأ عنها يوميا تدل علىماذا ؟ إنها تدل على
إيذاء بدني للشخص الذي يمارس تلك التصرفات الطائشة فيقيادة السيارات وهو
يعلم بحقيقة خطورتها عليه وعلى غيره.
ثانياً:الإيذاء الصحي :- وهو
إيذاء يضر بصحة من يمارسه أو يفعله وأمثلة ذلك كثيرةمنها التدخين وتعاطي
المسكرات والخمور والمخدرات ، كل تلك الممارسات لهالذتها ( الوقتية ) ينتج
عنها أضرار صحية لا يمكن حصرها مثل أمراض القلبوالشرايين والسرطان ولين
العظام والفشل الكلوي وداء السكري … ورغم ذلك نجدأن تعاطيها منتشر في
المجتمع بجميع مستوياته عند الكبار والصغار وعندالرجال والنساء ، والكل لا
يبالي بالعواقب الناجمة عن ذلك التصرف الذي يضربالصحة ويسبب المشاكل الصحية
التي قد تصل إلى درجة كبيرة من الخطورة تصلإلى مرحلة الوفاة فمثلا كثيراً
ما سمعنا عن مدخن أصيب بمرض قلب أو بسرطانأو بتصلب شرايين . ولا يزال
التدخين منتشر بين فئات الناس المختلفة ،وكثير من الناس لا زالوا يصرون على
شرب المياه الغازية مع كل وجبة طعام أوبدون وجبة طعام وهم يعلمون علم
اليقين أن شربها يسبب لين العظام وليس لهدور إلا في عملية تعسر هضم الطعام .
ثالثاً
: الإيذاء النفسي:-وهو إلحاق الضرر بنفسية الإنسان وروحه حين يبتعد عن
الله سبحانه وتعالىولا يتقرب منه بالعبادات مثل ترك الصلاة أو عدم أدائها
جماعة في المساجدأو عدم تلاوة القرآن الكريم أو عدم التصدق …. وغيرها من
العبادات الأخرى ،فالشخص الذي يتكاسل عن أداء الصلاة أو يكون ملهياً عنها
أو يصليها في بيته عاجزاً عن الذهاب للمسجد يحس بفراغ روحي يحدث لديه الملل
وعدم الراحة والقلق وغيرها من أضرار تجعل الإنسان مضطرباً نفسيا حائراً في
تصرفاته لايشعر بالطمأنينة والاستقرار فيقدم على تصرفات سلبية تفقده
السعادة فيالدنيا والآخرة .
رابعاً : الإيذاء الخلقي :- وهو إيذاء يسبب
اكتسابسمعة سيئة لدى الأصدقاء والأقارب والمجتمع لمن يمارس الكذب والغش
والخداعولا يلتزم بالمواعيد ولا يبالي بمن حوله ويتعامل مع الآخرين
بالنميمة أوالوشاية … ظناً منه انه استطاع خداع الناس فيشعر بالنشوة
والسعادة وهو في الحقيقة قد اكتسى سمعة سيئة ولا يذكر بخير بين أقرانه
وأصدقاءه ومن حوله من الناس وإن جاملوه في وجهه فإنهم سوف يطعنون به في
غيابه وسوف يكتشف ذلك بعد فوات الأوان بعد أن آذى نفسه بنفسه .
خامساً :
الإيذاء المستقبلي:- وهو إيذاء لا تظهر أضراره إلا في مستقبل الحياة مثل
الطالب الذي يهملدراسته ويتغيب عن المدرسة بدون عذر … فتظهر آثار ذلك
الإهمال في نهايةالعام بالرسوب ويتكرر ذلك الرسوب حتى يترك الدراسة فيبحث
عن عمل فلا يجدعملاً لأنه بدون شهادة تؤهله للعمل ، وان وجد عملاً فإن
الأجر الذييتقاضاه ( الراتب) يكون بسيطاً لا يكفيه هو لوحده فكيف إذا تزوج
وتحملمسئولية أسرة بكاملها عندها سيعض أصابع الندم ، ويتمنى لو أنه أكمل
تعليمهويعرف وقتها (أن من يتعب صغيرا فإنه سوف يرتاح كبيرا ) وأنه حين
أهملالدراسة واهتم باللعب أو بتضييع الوقت في أشياء قد تكون غير نافعة أو
فيأشياء محرمة فإنه فقد مستقبله .
وبعد : فهذا قدر متواضع في موضوع
إيذاءالنفس وهو موضوع مهم وحساس يحتاج إلى نقد وتحليل ودراسة أكبر وأوسع
وأنيكون نواة لتأليف كتب عنه مشتملة على توضيح علمي في علوم النفس
والاجتماعوالبرمجة العصبية والتاريخ والشريعة وغيرها من علوم أخرى لها
اتصال بهذاالموضوع الذي يسهم وبشكل كبير في تبصير شباب أمتنا الإسلامية
وغيرها منالأمم بالأخطار الناجمة عن إيذاء النفس للفرد والمجتمع .
آخراًوليس
أخيراً أملي أيها القارئ الكريم أن تقرأ هذه الآيات والأحاديث وتتمعنمعي
في معانيها، وتفكر، وتحلل، وتستنتج بنفسك المراد من ذكرها.
1- قال تعالى ( ونفس وما سواها فألهما فجورها وتقواها. قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها )
2- قال تعالى ( إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعاً بصيرا . إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفورا)
3- قال تعالى ( بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره )
4- قال تعالى ( ألم نجعل له عينين. ولساناً وشفتين. وهديناه النجدين )
5- قالت عائشة رضي الله عنها إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول (اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت ومن شر ما لم اعمل )
والسؤالالذي
يطرح نفسه على الجميع ويريد الإجابة من الجميع هو : هل أنا أؤذي نفسيأم لا
؟ وكيف أؤذيها ؟ ولماذا ؟ وكيف أخلص نفسي من أذى نفسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق